داليبوركا ستويشيتش
(أستاذة الأدب، فنانة بارزة وملكة جمال سابقة في يوغسلافيا السابقة)
"ساشا ميليفويف - ابن الروح"
ساشا ميليفويف كاتب وشاعر وصحفي ومحلل سياسي مشهور، وهو أحد أشهر كتاب الأعمدة في صربيا ومؤلف خمسة كتب وأعمدة تنشر في الصحف اليومية. ترجمت أعماله إلى حوالي عشرين لغة حول العالم...
ساشا ميليفويف - عندما تحلق اليراعة
عندما رأيت صورة ساشا ميليفويف للمرة الأولى في الجريدة، دمدمت شفتاي بصورة عفوية: تاجو! وكان ذلك أول رد فعل لي لجماله الملائكي، حيث تذكرت ذلك الشيء، منذ زمن بعيد، عندما كنت قد قرأت "موت في البندقية" من اجل التحضير لكتابة التقرير الفصلي بعنوان "روايات توماس مان" في قسم الأدب الصربي في كلية اللغات في بلغراد.
كان ذلك الجمال، الإغريقي الابلوني للشاب البولندي الذي عرفته من خلال وجهه، والذي لم يكتشف نفسه بعد. الجمال الذي ينتمي إلى نوع الذي أحبه توماس مان بطريقة مؤلمة، حيث العيون الزرقاء والسهول التي لا تحتاج إلى روح. وينتمي أيضا إلى مبدأ شيلار الساذج، مختلفا عن العاطفة التي تنفصل عن الحياة والتفكير وكتابة القصائد وتسقط في الرقصات.
وبعدها، تذكرت "طوني كريكر" الذي تحدث توماس مان في روايته عن شعره، أي، علاقته بالفن، بأدق صورة تعبيرية. تاجا ساشا ميليفويف الذي أعيد تجسيده في شخص هانس هانسين، مرة أخرى بتلك العيون الزرقاء الممتدة عميقا في الحياة، والتي تستمتع بكل لحظة فيها، مفضل ومدمج كأنه جزء في كل. وبعدها قرأت مقابلة معه وقليل من الأعمدة الصحفية وعددا من قصائد هذا الرجل الشاب، الذي هو مازال صبيا، ووجدت حينها الإجابة على السؤال الذي بقي يدور في نهاية تقريري الفصلي: ماذا كان قد حدث لو أن هانس هانسين حقق أمنيت طوني كريكر وقرا "دون كارلوس"؟ ألان عرفت، لكان قد كان ساشا ميليفويف. ذلك الشاعر الوسيم الشاب الموهوب هو تتويج لأكبر رغبات كريكر. هو هانس هانسين الذي قرا "دون كارلس". فهو مثقف، طموح، بارع، مليء بالأفكار، شجاع وذو بلاغة في أعمدته الصحفية، حساس ومعزول في وحدة مخيفة في متاهته التي سوف تجره منها يراعة صغيرة، بواسطة خيوط أريان، حاملة معها نور ألاهي. وعدما تحلق تلك اليراعة وتدحر الظلام، سيبقى شرارتها بين يدي الشاعر مثل غبار نجمة أو نار سماوية وستعطي القدرة لتلك الأيدي من اجل أن تشفي الجروح في هذا العالم، من خلال كتابة القصائد وحمل الطاقة المعالجة إلى العالم الذي سوف يقرؤها. إن السذاجة والعاطفة في هذا "الصبي المارد"، كما سماه النحات والشاعر بوريس ستاباراتس، اتحدتا بشكل مثالي مثل ين ويانغ، النار والماء، الضوء والظلام. فوراء الشكل الملائكي لصاحب العيون الزرقاء "تاجو" تختبئ شجاعة، لا هوادة فيها، وبلاغة كاتب الأعمدة الصحفية ورواية حول البيت الأصفر: "اسقط مع المطر، وتدعوني الجرأة لأقول للناس لا"، وكذلك الشاعر الرقيق والحساس الذي لا يسعى من اجل الربح التجاري، ولكن، حاملا يراعته على كفيه كالنجمة المرشدة المتجسدة، باحثا من كل الآلهة جوابا على سؤال كل الأسئلة: "ما معنى وجودنا؟"
البلورات الصغيرة المتجمدة لشعرة، قد لخصت وكونت من الحد الأدنى من الكلمات التي تعبر عن الجوهر، مثل قصائد هايكو، وتأخذنا بلطف وتذوبان وتموت في خضم حرارة أحلامه عن الصحراء، إلى حيث اللانهاية، والى التجول بين النجوم، إلى "دموع القمر الكاذبة"، إلى استجواب جميع الآلهة التي يجب أن يكون في نهاية مطاف وعظها للحب أن تتحد في شكل واحد في عين الفكر العالمي التي ترى كل شيء.
ساشا ميليفويف يقف مع كبار الشعراء الأصيلين في العالم. فبجانب اللحظات المثيرة حين تحلق اليراعة ونفصلان الضوء والظلام، يتحدث في كتابه الجديد عن ظهور العصر الجليدي الخامس. فمواضيعه الغنائية تسافر خلال الزمان وتقاوم كل كوارث الكرة الأرضية، من ثوران البركان: "من الذي يحميك / من مطر متقد / عندما لا تكون هنا"، وأيضاً "شمس تسيل"، إلى هدوء اللوح، الفيضانات، الاحتباس الحراري العالمي، ذوبان القطبان، تفتح الأمواج، لنرى بعد ذلك كيف "تغرق المدن". "جبال سوداء تسقط / جراد ينصب من كل ناحية / العظام مسلوخة / تحوم غارقة" وهكذا حتى نهاية العالم الأخير والعصر الجليدي. فالمجموعة الشعرية "عندما تحلق اليراعة" تأخذ بعدا تنبؤياً في تلك اللحظة عند قراءتها حيث تذكر بصورة جميع القارات التي تتلاشى، التي تغرق. حيث ستكون أخر قارة تغرق هي إفريقيا، وسيصل مستوى الماء إلى قمم الأهرامات، وبعدها سحل خلق "سطح جليدي بلا نهاية" وعليه يحمل الجمل موضوع غنائي مثل المنتصر، والتي هي سمة أبطال الملاحم والأدب العربي القديم، ولكن يتعثر الجمل على قمم الأهرامات.
في الختام، أود مخاطبيه شخصياً بصورة ودية وامومية وأقدم الدعم له، لأنه على الرغم من انف كل الجبناء والغير المهتمين الإعلاميين ومرتزقة سوروش، وأشجعه لكونه الوجه الجديد والشاب لصربيا الغد: أتمنى لك كل التوفيق في الحياة، أيها الصبي الجميل. ستحمل عبئا كبيرا على كتفيك. حيث إني أرى انه قد بداء باتهامك بتضليل الرأي العام وبأنك تختار مواضيع معينة من اجل الوصول إلى النجاح السريع، بغض النظر عن المخاطر التي تحملها تلك المواضيع. لا تستسلم، ناضل، وامضي قدما. سوف يكرهك الكثير بسبب جمالك، ولكني أرى علامة على جبينك مكتوبة بحبر لا يرى. اعمل بجد وسوف تحقق حلمك. فبجانب المعاناة والألم الذي يجب عليك أن تدفعه، انحني إليك مثل زوي الكبير أمام ميتسا كارامازوف. أنا بجانبك، يا صغيري تاجو.
ابن الروح
في فجر الخليقة
وبينما كنت حافية القدمين
امشي على النجوم الملتهبة
ولدتك روحي
يا بني
أضعت وبحثت
وكتبت بالحليب على الرمل
اسمك
مثل ليليت لطفل صحتُ
وتحدثت عنك لله
في عرض الصحراء
وعبر متاهات الكون
وصرخات الشمس المحتضرة
وانحدرت في الزمان
لأعود بك
خلال نبض البيتة
وتحت بحور المواقع الالكترونية
قد وجدتك
في جسد شاب
وبعلامة على الجبهة
حيث عرفتك
سأبقى معك
وسأقبل الموت
لا تبعك
واعتني بمن يحبك
واسحق من يكرهك
واقتل من يعتدي عليك
يا بني
فقط اهمس في أذني الاسم
داليبوركا ستويشيتش
ترجمه للغة العربية
بشار الهدلة
الأكثر قراءة
مجلة إكسبريس، مقابلة، ساشا ميليفويف: إذا التزمنا الصمت عن الجرائم البشعة، فسوف تتكرر في المستقبل
ساشا ميليفويف - امير الشعر الصربي المعاصر في حضرة المنارة البريطانية
الأستاذة الدكتورة ميلا اليجكوفيتش حول شعر ساشا ميليفويف
الأستاذ الفخري الدكتور رادى بوﮋوفيتش حول ابيات قصيدة "الوجع العالمي" لساشا ميليفويف
"داليبوركا ستويشيتش - "ساشا ميليفويف - ابن الروح
"ساشا ميليفويف - فتى البيت الاصفر: "اخرجت قلب الصربي، وبقي ينبض
السعودية أنباء - قراءة في قصيدة "ساشا ميليفويف" وحواره مع الله، كتبت – منيرة الشهراني
ساشا ميليفويف - عندما تحلق اليراعة - وجهة نظر بعض الفنانين والكتاب
مصر، كايرو - سهى زكى حول ساشا ميليفويف
ساشا ميليفويف في جريدة الاخبار المصرية. طبعت النص في مليون نسخة
ساشا ميليفويف في مجلة "شاشتي" في مصر - حوار مع الله
ساشا ميليفويف - الإبادة الجماعية الكاذبة في سريبرينيتسا تخفي الحقيقة في غزة
ساشا ميليفويف - ويكيبيديا شبكة من الكراهية والشر
الممثلة الشهيرة حول شعر ساشا ميليفويف
ساشا ميليفويف - ابن دولة الإمارات العربية المتحدة
ساشا ميليفويف - الحجر الأسود - مكة، السعودية العربية
ساشا ميليفويف - حَكَمةُ العالم
ساشا ميليفويف - العقوبة, عن عواقب الحرب البيولوجية والتجارب على البشر
ساشا ميليفويف - رسالة بعد الموت
ساشا ميليفويف - الغريب ,تعب من الوجع العالمي
ساشا ميليفويف - لا مزيد من الشعر - لقد انتهى الأمر
ساشا ميليفويف - كونداليني - البراق
ساشا ميليفويف - استجدي الحب بالقصائد
ساشا ميليفويف - جسر التنهد (البندقية، إيطاليا)
ساشا ميليفويف - السير اثناء النوم
ليليانا جربيتش - تميمة الحظ للابن (لساشا ميليفويف)
ساشا ميليفويف - عالم شرير بلا روح
ساشا ميليفويف - عندما تحلق اليراعة
ساشا ميليفويف - في كثب الجليدي
ساشا ميليفويف - إلى نهاية العالم
ساشا ميليفويف - في نهاية النهر
ساشا ميليفويف - إلى ميدان الأحلام
ساشا ميليفويف - ليس عندي من اهديه القصيدة
ساشا ميليفويف - في كنيسة قديمة
ساشا ميليفويف - على مفترق الطرق
ساشا ميليفويف - عندما تحلق اليراعة
ساشا ميليفويف - المعالج الروحي
ساشا ميليفويف - اليراعة والريح
www.sasamilivojev.com
ساشا ميليفويف، ٢٠٢٤ © حقوق النشر